فصل: وفاة يزيد وبيعة هشام.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.ولاية عبد الواحد القسرى على المدينة ومكة.

كان عبد الرحمن بن الضحاك عاملا على الحجاز منذ أيام عمر بن عبد العزيز وأقام عليها ثلاث سنين ثم حدثته نفسه خطبة فاطمة بنت الحسين فامتنعت فهددها بأن يجلد ابنها في الخمر وهو عبد الله بن الحسن المثنى وكان على ديوان المدينة عامل من أهل الشام يسمى ابن هرمز ولما رفع حسابه وأراد السير إلى يزيد جاء ليودع فاطمة فقالت: أخبر أمير المؤمنين بما ألقى من ابن الضحاك وما يتعرض لي ثم بعث رسولها بكتابها إلى يزيد يخبره وقدم ابن هرمز على يزيد فبينما هو يحدثه عن المدينة قال الحاجب: بالباب رسول فاطمة بنت الحسين فذكر ابن هرمز ما حملته فنزل عن فراشه وقال عندك مثل هذا وما تخبرني به! فاعتذر بالنسيان فأدخل يزيد الرسول وقرأ الكتاب وجعل ينكث الأرض بخيزرانة ويقول: لقد اجترأ ابن الضحاك هل من رجل يسمعني صوته في العذاب قيل له عبد الواحد بن عبد الله القسري فيكتب إليه بيده قد وليتك المدينة فانهض إليها واعزل ابن الضحاك وغرمه أربعين ألف دينار وعذبه حتى أسمع وأنا على فراشي وجاء البريد بالكتاب إليه ولم يدخل على ابن الضحاك فأحضر البريد ودس إليه بألف دينار فأخبره الخبر فسار ابن الضحاك إلى مسلمة بن عبد الملك واستجار به وسأل مسلمة فيه يزيد فقال: والله لا أعفيه أبدا فرده مسلمة إلى عبد الواحد بالمدينة فعذبه ولقي شرا ولبس جبة صوف يسأل الناس وكان قد آذى الأنصار فذموه وكان قدوم القسري في شوال سنة أربع ومائة وأحسن السيرة فأحبه الناس وكان يستشير القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله.

.عزل الحريشي وولاية مسلم الكلبي على خراسان.

كان سعيد الحريشي عاملا على خراسان لابن هبيرة كما ذكرنا وكان يستخف به ويكاتب الخليفة دونه ويكنيه أبا المثنى وبعث من عيونه من يأتيه بخبره فبلغه أعظم مما سمع فعزله وعذبه حتى أدى الأموال وعزم على قتله ثم كف عنه وولى ابن هبيرة على خراسان مسلم بن سعيد بن أسلم بن زرعة الكلابي ولما جاء إلى خراسان حبسه وقيده وعذبه كما قلنا فلما هرب ابن هبيرة بعد ذلك عن العراق أرسل خالد القسري في طلبه الحريشي فأدركه على الفرات وقال لابن هبيرة ما ظنك بي قال: إنك لا تدفع رجلا من قومك إلى رجل من قسر قال: هو ذاك ثم انصرف وتركه.

.وفاة يزيد وبيعة هشام.

ثم توفي يزيد بن عبد الملك في شعبان سنة خمس ومائة لأربع سنين من خلافته وولى بعده أخوه هشام بعهده إليه بذلك كما مر وكان بحمص فجاءه الخبر بذلك فعزل عمر ابن هبيرة عن العراق وولى مكانه خالد بن عبد الله القسري فسار إلى العراق من يومه.

.غزو مسلم الترك.

غزا مسلم بن سعيد الترك سنة خمسة ومائة فعبرالنهر وعاث في بلادهم ولم يفتح شيئاو قفل فأتبعه الترك ولحقوه على النهر فعبرالناس ولم ينالوا منه ثم غزا بقية السنة وحاصر أفشين حتى صالحوه على ستة آلاف رأس ثم دفعوا إليه القلعة ثم غزا سنة ست ومائة وتباطأ عنه الناس وكان ممن تباطأ البختري بن درهم فرد مسلم نصر بن سيار إلى بلخ وأمره أن يخرج الناس إليه وعلى بلخ عمر بن قتيبة أخو مسلم فجاء نصر وأحرق باب البختري وزياد بن طريف الباهلي ثم منعهم عمر من دخول بلخ وقد قطع سعيد النهر ونزل نصر بن سيار البروقان وأتاه جند الضلاضيان وتجمعت ربيعة والأزد بالبروقان على نصف فرسخ من نصر وخرجت مضر إلى نصر وخرج عمر بن مسلم إلى ربيعة والأزد وتوافقوا وسفر الناس بينهما في الصلح وانصرف نصر ثم حمل البختري وعمر بن مسلم على نصر فكر عليهم فقتل منهم ثمانية عشر وهزمهم وأتى بعمر بن مسلم والبختري وزياد بن طريف فضربهم مائة مائة وحلق رؤسهم ولحاهم وألبسهم المسوح وقيل إن سبب تعزيز عمر بن مسلم إنهزام تميم عنه وقيل انهزام ربيعة والأزد ثم أمنهم نصر بعد ذلك وأمرهم أن يلحقوا بمسلم بن سعيد ولما قطع مسلم النهر ولحقه من لحق من أصحابه سار إلى بخارى فلحقه بها كتاب خالد بن عبد الله القسري بولايته ويأمره بإتمام غزاته فسار إلى فرغانة وبلغه أن خاقان قد أقبل إليه فارتحل ولحقه خاقان بعد ثلاثة مراحل لقي فيها طائفة من المسلمين فأصابهم ثم أطاف بالعسكر وقاتل المسلمين وقتل المسيب بن بشر الرياحي والبراء من فرسان المهلب وأخو غورك وثار الناس في وجوههم فأخرجوهم من العسكر ورحل مسلم بالناس ثمانية أيام والترك مطيفون بهم بعد أن أمر بإحراق ما ثقل من الأمتعة فأحرقوا ما قيمته ألف ألف وأصبحوا في التاسع قريب النهر دونه أهل فرغانة والشاش فأمر مسلم الناس لأن يخرطوا سيوفهم ويحملوا فافرج أهل فرغانة والشاش عن النهر ونزل مسلم بعسكره ثم عبر من الغد واتبعهم ابن خاقان فكان حميد بن عبد الله على الساقة من وراء النهر وهو مثخن بالجراحة فبعث إلى مسلم بالانتظار وعطف على الترك فقاتلهم وأسر قائدهم وقائد الصغد ثم أصابه سهم فمات وأتوا خجندة وقد أصابتهم مجاعة وجهد ولقيهم هنالك كتاب أسد بن عبد الله القسري أخي خالد بولايته على خراسان واستخلافه عبد الرحمن بن نعيم فقرأ مسلم الكتاب وقال سمعا وطاعة.